فصل: مقتل أتامش.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فتنة بغداد وسامرا.

ولما اتصل الخبر ببغداد وسامرا بقتل عمر بن عبد الله وعلي بن يحيى شق ذلك الناس لما كانوا عليه من عظم الغناء في الجهاد واشتد نكيرهم على الترك في غفلتهم عن المصالح وتذكروا قتل المتوكل واستيلاءهم على الأمور فاجتمعت العامة وتنادوا بالنفير إلى الجهاد وانضم إليهم الشاكرية يطلبون أرزاقهم ثم فتقوا السجون وقطعوا الجسور وانتهبوا دور كتاب محمد بن عبد الله بن طاهر ثم أخرج أهل اليسار من بغداد الأموال ففرقوها في المجاهدين وجاءت العامة من الجبال وفارس والأهواز فنفروا للغزو ولم يظهر للمستعين ولا لأهل الدولة في ذلك أثر ثم وثب العامة بسامرا وفتقوا السجون وخرج من كان فيها وجاء من الموالي في طلبهم فوثب العامة بهم وهزموهم وركب بغا ووصيف وأتامش في الترك فقتلوا من العامة خلقا وانتهوا منازلهم وسكنت الفتنة.

.مقتل أتامش.

كان المستعين لما ولي أطلق يد أمه وأتامش وشاهك الخادم في الأموال وما فضل عنهم فلنفقات العباس بن المستعين وكان في حجر أتامش فبعث ذلك عليه بغا ووصيف وضاق حال الأتراك والفراغنة ودسهم عليهم بغا ووصيف فخرج منهم أهل الكرخ والدور وقصدوه في الجوسق مع المستعين وأراد الهرب فلم يطق واستجار بالمستعين فلم يجره وحاصروه يومين ثم افتتحوا عليه الجوسق وقتلوه وكاتبه شجاع بن القاسم ونهبت أموالهم واستوزر المستعين مكانه أبا صالح عبد الله بن محمد بن علي على الأهواز ولبغا الصغير على فلسطين ثم غضب بغا الصغير على أبي صالح فهرب إلى بغداد واستوزر المستعين مكانه محمد بن الفضل الجرجاني وولى على ديوان الرسائل سعيد بن حميد.

.ظهور يحيى بن عمر ومقتله.

كان على الطالبيين بالكوفة يحيى بن عمر بن يحيى بن زيد الشهيد ويكنى أبا الحسين وأمه من ولد عبد الله بن جعفر وكان من سراتهم ووجوههم وكان عمر بن فرج يتولى أمر الطالبيين أيام المتوكل فعرض له أبو الحسين عند مقدمة من خراسان يسأله صلة لدين لزمه فأغلظ له عمر القول وحبسه حتى أخذ عليه الكفلاء وانطلق إلى بغداد ثم جاء إلى سامرا وقد أملق فتعرض لوصيف في رزق يجري له فأساءه عليه وإليها فرجع إلى الكوفة وعاملها يومئذ أيوب بن الحسين بن موسى بن جعفر بن سليمان بن علي من قبل محمد بن عبد الله بن طاهر فاعتزم على الخروج والتف عليه جمع من الأعراب وأهل الكوفة ودعا للرضى من آل محمد ففتق السجون ونهبه وطرد العمال وأخذ من بيت المال ألفي دينار وسبعين ألف درهم وكان صاحب البريد قد طير بخبره إلى محمد بن عبد الله بن طاهر فكتب إلى عامله بالسواد عبد الله بن محمود السرخسي وأن يصير مددا إلى الكوفة فلقيه وقاتله فهزمهم يحيى وانتهب ما معهم وخرج إلى سواد الكوفة واتبعه خلق من الزيدية وانتهى إلى ناحية واسط وكثرت جموعه لا وسرح محمد بن عبد الله بن طاهر إلى محاربة الحسين بن إسمعيل بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب في العساكر فسار إليه وقد كان يحيى قصد الكوفة فلقيه عبد الرحمن بن الخطاب المعروف بوجه الفلس فهزمه يحيى إلى ناحية شاهي ودخل الكوفة واجتمعت عليه الزيدية واشتمل عليه عامة أهل الكوفة وأمداد الزيدية من بغداد وجاء الحسين بن إسمعيل وانضم إليه عبد الرحمن بن الخطاب وخرج يحيى من الكوفة ليعاجلهم الحرب فأسرى ليلته وصبح العساكر فساروا إليه فهزموه ووضعوا السيف في أصحابه وأسروا الكثير من اتباعه وكان منهم الهيصم العجلي وغيره وانجلت الحرب عن يحيى بن عمر قتيلا فبعثوا برأسه إلى محمد عبد الله بن طاهر فبعث به إلى المستعين وجعل في صندوق في بيت السلاح وجيء بالأسرى فحبسوا وكان ذلك منتصف رجب سنة خمس ومائتين.

.ابتداء الدولة العلوية بطبرستان.

لما ظهر محمد بن عبد الله بن طاهر بيحيى بن عمر وكان له من الغناء في حربه ما قدمناه أقطعه المستعين قطائع من صوافي السلطان بطبرستان كانت منها قطعة بقرب ثغر الديلم تسمى روسالوس وفيها أرض موات ذات غياض وأشجار وكلا ومباحة لمصالح الناس من الاحتطاب والرعي وكان عامل طبرستان يومئذ من قبل محمد بن طاهر صاحب خراسان عمه سليمان بن عبد الله بن طاهر وهو أخو محمد صاحب القطائع وكان سليمان مكفولا لأمة وقد حظي عندها وتقدم وفرق أولاده في أعمال طبرستان وأساؤا السيرة في الرعايا ودخل محمد بن أوس بلاد الديلم وهم مسالمون فسبى منهم وانحرفوا لذلك وجاء نائب محمد بن عبد الله لقبض القطائع فحاز فيها تلك الأرض الموات المرصدة لمرافق الناس فنكر ذلك الناظر على تلك الأرض وهما محمد وجعفر ابنا رستم واستنهضا من أطاعهما من أهل تلك الناحية لمنعه من ذلك فخافهما النائب بسليمان صاحب طبرستان وبعث ابنا رستم إلى الديلم يستنجدانهم على حرب سليمان وبعثا إلى محمد بن إبراهيم من العلويين بطبرستان يدعوانه إلى القيام بأمره فامتنع ودلهما على كبير العلوية بالري الحسن بن زيد بن محمد بن إسمعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط فشخص إليهما وقد اجتمع أهل كلاروسالوس ومقدمهم ابنا رستم وأهل الريان ومعهم الديلم بأسرهم فبايعوه جميعا وطردوا عمال سليمان وابن أوس ثم انضم إليهم جبال طبرستان وزحف الحسن بمن معه إلى مدينة آمد وخرج ابن أوس من سارية لمدافعتة فانهزم ولحق بسليمان في سارية فخرج سليمان لحرب الحسن ولما التقى الجمعان بعث الحسن بعض قواده خلف سليمان إلى سارية وسمع بذلك سليمان فانهزم وملك الحسن سارية وبعث بعيال سليمان وأولاده في البحر إلى جرجان وقيل إن سليمان انهزم اختيارا لما كان بنو طاهر يتهمون به من التشييع ثم بعث الحسن إلى الري ابن عمه وهو القاسم ابن علي بن إسمعيل ويقال محمد بن جعفر بن عبد الله العقيقي بن الحسين بن علي بن زين العابدين فملكها وبعث المستعين جندا إلى همدان ليمنعها ولما ملك محمد بن جعفر قائد الحسن بن زيد الري أساء السيرة وبعث محمد بن طاهر قائد محمد بن ميكال أخو الشاه فغلبه على الري وانتزعها منه وأسره فبعث إليه الحسن بن زيد قائده دواجن فهزم ابن ميكال وقتله واسترجع الري ثم رجع سليمان بن طاهر من جرجان إلى طبرستان فملكها ولحق الحسين بالديلم وسار سليمان إلى سارية وآمد ومعهم أبناء قارن بن شهرزاد فصفح عنهم ونهى أصحابه عن الفتك والأذى ثم جاء موسى بن بغا بالعساكر فملك الري من يدي أبي دلف وبعث مصلحا إلى طبرستان فحارب الحسن بن زيد وهزمه واستولى على طبرستان ولحق الحسن بالديلم ودخل مفلح آمد وخرب منازل الحسن ورجع إلى موسى بالري.